

إحذر مغالطة النفس … للإمام ابن القيم الجوزيه رحمه الله
وهذا من أهم الأمور
فان العبد يعرف أن المعصية والغفلة من الأسباب المضرة له في دنياه وآخرته ولا بد، ولكن تغالطه نفسه
بالاتكال على عفو الله ومغفرته تارة وبالتسويف بالتوبة، والاستغفار باللسان تارة
وبفعل المندوبات تارة وبالعلم تارة
وبالاحتجاج بالقدر تارة وبالاحتجاج بالأشباه والنظراء تارة وبالاقتداء بالأكابر تارة
*******
كثير من الناس يظن أنه لو فعل ما فعل ثم قال: أستغفر الله، زال أثر الذنب وراح هذا بهذا
وقال لي رجل من المنتسبين إلى الفقه: أنا أفعل ما أفعل ثم أقول: سبحان الله وبحمده مائة مرة، وقد غفر
ذلك أجمعه كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قال في يوم سبحان الله وبحمده مائة
مرة حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر
وقال لي آخر: قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أذنب عبد ذنبا فقال: أي رب أصبت
ذنبا فاغفر لي، فغفر الله ذنبه، ثم مكث ما شاء الله ثم أذنب ذنبا آخر فقال: أي رب أصبت ذنبا
فاغفر لي، فقال الله عز و جل: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي
فليصنع ما شاء.. وقال أنا لا أشك أن لي ربا يغفر الذنب ويأخذ به
هذا الضرب من الناس قد تعلق بنصوص من الرجاء، واتكل عليها، وتعلق بها بكلتا يديه، وإذا
عوتب على الخطايا والانهماك فيها سرد لك ما يحفظه من سعة رحمة الله ومغفرته ونصوص الرجاء
وللجهال من هذا الضرب من الناس في هذا الباب غرائب وعجائب
كاغترار بعضهم على صوم يوم عاشوراء أو يوم عرفة، حتى يقول بعضهم: يوم عاشوراء يكفر ذنوب
العام كلها ويبقى صوم عرفة زيادة في الأجر، ولم يدر هذا المغتر أن صوم رمضان والصلوات الخمس
أعظم وأجلّ من صيام يوم عرفة ويوم عاشوراء وهي إنما تكفر ما بينهما إذا اجتنبت الكبائر، فرمضان
والجمعة إلى الجمعة لا يقويان على تكفير الصغائر إلا مع انضمام ترك الكبائر إليها فيقوى مجموع
الأمرين على تكفير الصغائر، فكيف يكفر صوم تطوع كل كبيرة عملها العبد وهو مصر
عليها غير تائب منها؟
*******
ولا ريب أن حسن الظن إنما يكون مع الإحسان؛ فان المحسن حسن الظن بربه أن يجازيه على إحسانه
ولا يخلف وعده ويقبل توبته، وأما المسيء المصر على الكبائر والظلم والمخالفات فان وحشة
المعاصي والظلم والحرام تمنعه من حسن الظن بربه، وهذا موجود في الشاهد؛ فان العبد الآبق
المسيء الخارج عن طاعة سيده لا يحسن الظن به، ولا يجامع وحشة الإساءة إحسان الظن أبدا
فإن المسيء مستوحش بقدر إساءته
وأحسن الناس ظناً بربه أطوعهم له، كما قال الحسن البصري: إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن
العمل، وإن الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل. فكيف يكون يحسن الظن بربه من هو شارد عنه
حال مرتحل في مساخطه! وما يغضبه متعرض للعنته قد هان حقه وأمره عليه فأضاعه، وهان نهيه
عليه فارتكبه وأصر عليه
فإذا ظن هذا أنه يدخله الجنة، كان هذا غروراً، وخداعا من نفسه، وتسويلاً من الشيطان
*******
وكيف يجتمع في قلب العبد تيقنه بأنه ملاقى الله، وأن الله يسمع ويري مكانه، ويعلم سره وعلانيته
ولا يخفى عليه خافية من أمره، وأنه موقوف بين يديه ومسئول عن كل ما عمل وهو مقيم على
مساخطه، مضيع لأوامره، معطل لحقوقه، وهو مع هذا يحسن الظن به، وهل هذا إلا من خدع
النفوس، وغرور الأماني
وقد قال أبو أمامة دخلت أنا وعروة بن الزبير على عائشة رضي الله عنها فقالت: لو رأيتما رسول الله
في مرض له وكانت عندي ستة دنانير أو سبعة فأمرني رسول الله أن أفرقها، قالت:
فشغلني وجع رسول الله حتى عافاه الله، ثم سألني عنها فقال: ما فعلت، أكنت فرقت الستة الدنانير؟
فقلت: لا والله، لقد شغلني وجعك. قالت: فدعا بها فوضعها في كفه فقال: ما ظن نبي الله
لو لقي الله وهذه عنده.. وفي لفظ: ما ظن محمد بربه لو لقي الله وهذه عنده
فيا لله ما ظن أصحاب الكبائر والظلمة بالله إذا لقوه ومظالم العباد عندهم.. فان كان ينفعهم
قولهم حسّنا ظنوننا بك لم يعذب ظالم ولا فاسق.. فليصنع العبد ما شاء وليرتكب كل ما نهاه
الله عنه وليحسن ظنه بالله فان النار لا تمسه فسبحان الله ما يبلغ الغرور بالعبد
ومن تأمل هذا الموضع حق التأمل علم أن حسن الظن بالله هو حسن العمل نفسه فان العبد
إنما يحمله على حسن العمل ظنه بربه أن يجازيه على أعماله ويثيبه عليها ويتقبلها منه، فالذي
حمله على العمل حسن الظن، فكلما حسن ظنه حسن عمله، وإلا فحسن الظن مع ابتاع
الهوى عجز
وسأل رجل الحسن فقال: يا أبا سعيد كيف نصنع بمجالسة أقوام يخوفونا حتى تكاد قلوبنا تنقطع؟
فقال: والله لأن تصحب أقواما يخوفونك حتى تدرك أمنا خير لك من أن تصحب أقواما يؤمنونك
حتى تلحقك المخاوف
*******
طـارق فـاروق
اخترنا لك:
- صور : مقتل طفلة بمستشفى الخرج ..!!
- صور : الصيد بالفهود
- فيديو : إستعراض قوة ونهاية مؤسفة + هذي نهاية الاستهبال + شوف المجداف والا بلاش + مذيع وشاف صرصور
- لوحات حية من الطبيعة
- اخطر بلكونة في العالم + رساله تحذيريه مهمه + سيراميك عجيب
- اندونيسي زاحف بطريقة جنونية + نهاية مؤسفة لأستعراض رائع + وش يبي ووين بيروح + نهر من التماسيح
- صور : المدينة المنورة قديماً + نوم العوافي أثناء المؤتمر الإسلامي
- صندوق النوم في مطار دبي + طريقه جديده ومبتكره … كبسه قرع
- افتتاح برج دبي اليوم .. 50 صورة من أروع الصور الملتقطة للبرج الرائع + تقرير عن البرج
- الهاش تاق # قريباً في الفيس بوك ..
مواضيع أخرى أرسلت بواسطة TAREK FAROK:
- فن صناعة العلاقات المميزة
- الإيمان والثقة والأمل
- أنا لم أتغير .. الحياة تغيرت
- هكذا علمتني الحياة + أشعِر الناس بأهميتهم
- ابتسم .. أنت في دولة عربية
- الحب في هذا الزمن + همسات الى النفوس المنكسرة
- خطوات عملية لزيادة سعادتك الشخصية
- المواطن المصري
- أعتقد أنني سبب الأزمة المالية العالمية
- حقائق عن الجراثيم + كيف تتخذ قـراراً ..؟
تعليقات:
6 عدد التعليقات على “إحذر مغالطة النفس … للإمام ابن القيم الجوزيه رحمه الله”
-
ابو عازب يعلق:
6 فبراير, 2010 في الساعة 1:15 م
الحمد لله رب العالمين ، والصلاةوالسلام على رسولنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين: موضوع شيق ومفيد ، جزاك الله خيرا أخي الفاضل ، ونفع بعلمك ، ونسأل الله عز وجل أن لا يواخذنا بذنوبنا وأن يدخلنا في واسع مغفرته انه جواد كريم .
-
صقرقريش يعلق:
7 فبراير, 2010 في الساعة 9:33 م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عشت أخوي طارق فاروق علي هذا الطرح المميز بارك الله فيك وجعلهابموازين حسناتك.
يقول الرب سبحانه وتعالي:إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم و إن أسأتم فلها … } الآية .ولكن وعلى الرغم من ذلك كله نجد في واقعنا قولا و فعلا غير ذلك ، فتجد الرجل يؤم المسجد في كل فرض ، ولكنه لا يكاد يغادر عتبة المسجد حتى يصير شيطانا يعيث في الأرض الفساد ، و يجوس في حقوق العباد ، بل ينحط الحال ببعضهم فيفعل شيئا من ذلك وهو لا يزال تحت سقف المسجد .
نسأل الله العافية وأن يثبتنا علي الحق وأن يصرف عنا فتن الدنياحتي نلقاالله وهوه راضي عنا .
بارك الله فيك ولاتحرمنا جديدك
تحياتي