

إنا انطيناك الكوثر ..
مقال رائع أعجبني محتواه وأتصور أن يعجب الكثير
ويوضح ضحالة علمنا ومعلوماتنا في ديينا وفي كتابنا الذي مفترض إن نكون
قبل فترة دخلت مسجد قباء متأخرا فصليت مع جماعة من الزوار من خارج المملكة.. وبعد الفاتحة قرأ
الإمام سورة الكوثر بلفظ { إنا أنطيناك الكوثر} فرد عليه رجل من ‘ربعنا’ { إنا أعطيناك الكوثر} فعاد الإمام
وقرأها { إنا أنطيناك الكوثر} فرد عليه الرجل مرتين وثلاثاً بدون أن يتزحزح الإمام عن موقفه..
وبعد انتهاء الصلاة ألقى ‘المأموم’ محاضرة على ‘الزائرين’ ناصحا إياهم بتعديل لسانهم المعوج ومذكرا
فيها بأن القرآن نزل بلسان عربي مبين (.. ولم يعلم سيادته أنه نزل أيضا على سبعة أحرف)!!
… وكنت قد سمعت قصة مشابهة من أحد الأصدقاء حيث قرأ الإمام الفاتحة { اهدنا الزراط المستقيم} فرد
عليه الناس { الصراط المستقيم} فعاد وقال { الزراط المستقيم) فردوا عليه مرتين وثلاثاً { الصراط المستقيم}
ولكنه أصر على موقفه الأمر الذي جعل أحد المصلين يقول بصوت مرتفع: الصراط المستقيم أو اترك الإمامة
لغيرك…
وما يحدث في مثل هذه المواقف أن الإمام يقرأ غالبا على ‘حرف‘ يناسب لهجته المحلية في حين لا يعرف
المأمومون جواز قراءة القرآن على هذا الحرف أو ذاك..
ومواقف كهذه ظهرت منذ عهد النبوة حيث خفي حتى على بعض الصحابة الوجوه المتعددة لقراءة القرآن الكريم
(مثل عمر بن الخطاب الذي سمع هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان على حروف لم يسمعها من قبل)
وجميعها انتهت بإجازتها من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم..
ورغم اختلاف العلماء في معنى ‘سبعة أحرف‘ إلا أن أشهرها قولهم إنها سبع لهجات كانت شائعة
لدى قبائل العرب في ذلك الوقت.. وبهذا الشأن يقول الزركشي: نزل القرآن بعضه بلغة قريش، وبعضه
بلغه هذيل، وبعضه بلغة تميم، وبعضه بلغة أزد وربيعه، وبعضه بلغة هوازن وسعد وهكذا … وهذه اللهجات
(رغم أنها عربية) إلا أن مخارجها وألفاظها توافق مخارج وألفاظ الحروف في اللغات الأجنبية كالفارسية
والحبشية والهندية والتركية (ومن هنا ظهر علم القراءات وأصبح لكل بلد قراءته التي يشتهر بها)!!
ومن النماذج المشهورة لاختلاف مخارج الحروف بين القبائل العربية :
1- ما يعرف ‘باستبطاء قبيلة هذيل’ حيث تقلب العين نونا وبالتالي تُقرأ { إنا أعطيناك} {إنا أنطيناك} وهو قلب يُسمع
حتى اليوم في بعض دول الخليج !
2- أما قبائل قيس وتميم وأسد فاشتهرت ب’العنعنة’ حيث تقلب الهمزة عيناً بحيث يقرأ بعضهم { سعل ساعل}
بمعنى {سأل سائل} !
3- أما قبيلتا ربيعة ومضر فكانتا تقلبان الكاف شينا وكانتا تنطقان كلمتي ‘بيتك’ و’لبيك الله’ ؛ ‘بيتش’ و’لبيش الله’ وهو
ما يدعى الشنشنة (ويلاحظ حتى اليوم في اليمن وجنوب المملكة) !
4- أما قبائل حمير فكانت تقلب ‘ال’ التعريف إلى ‘أم’ وبهذا اللفظ تناقلت حديث (ليس من البر الصيام في السفر)
بلفظ (ليس من أمبر أمصيام في أمسفر) !!
5- أيضا هناك التختخة ، واللخلخة ، والكشكشة ، واليأيأة ، والخأخأة ؛ التي ميزت قبائل بعينها ولها حتى اليوم
ما يطابقها في مخارج الحروف العالمية !
ورغم أنني لست ضليعا في علم القراءات – ولا لهجات العرب ومخارج الحروف – ولكنني أرى في هذا العلم مغزيين
عظيمين يجب على الجميع استيعابهما :
الأول : احترام ثقافات ولهجات الآخرين …
والثاني : أن لا تتخذ أي جهة من نفسها مرجعا للغة والدين !!
– – – – –
فهد عامر الأحمدي
جريدة الرياض الثلاثاء 9 ربيع الأخر 1429هـ
15 أبريل 2008م – العدد 14540
اخترنا لك:
- دراجة هوائية حديثة يمكن طيها بسهولة
- قوارب :: صور جميلة ::
- بطاقات تهنئة بمناسبة العيد .. أروع وأجمل البطاقات والتصاميم + بطاقات خاصة بوسائط الجوال .. الجزء (1)
- طاولات غريبة + تصاميم عن مخاطر التدخين + الخدمة الذاتية لتذاكر السفر
- وداعاً لعناء تغيير زيت السيارة + بنت أمريكية تلحق ضب ضخم + سيول الخرج والدلم ومهازل الدفاع المدني
- طريقة عمل الورود بالجزر
- فيديو : الرسم بالبخاخات + عرض النوافير + مقطع “ستأتي النهاية حتما” .
- صور : قمصان يابانية غريبة + أحلى توائم
- فك سحر مسحورة أمام ساحرتها + لاعب مجرم + يحب القهوة
- شايب ضاق صدره وقام يدعي
مواضيع أخرى أرسلت بواسطة نجم الشمال:
- وصايا إلى أولادي
- دعه يجرب
- أفضل طريقة لخلع الضرس + مسوي نفسه مغرز + إشرب الخمر + إرهاب الشوارع + ما هذا ؟
- انهيار مبنى في الصين بطريقة عجيبة + هام جداً كيف تحدد إن كانت المرآة (مراية) ذات اتجاهين أم لا ؟
- رجل يذرف دموع من حليب + دب يستجدي الأكل + فتاة حائل التي غابت فجراً + عسل وبصل
- الكهرباء أشداء على الفقراء رحماء على الكبار - مقال منع من النشر
- صور للعاصفة القوية التي ضربت حائل
- رأس اسمنتي + أولمبياد خاص + نافورة من الرمال .. مخيفه + اسم غريب + موقع يحول صورتك إلى رسمه بالرصاص
- دبابات السعودية
تعليقات:
15 عدد التعليقات على “إنا انطيناك الكوثر .. مقال رائع أعجبني محتواه وأتصور أن يعجب الكثير”
-
أيمن المدني يعلق:
8 نوفمبر, 2010 في الساعة 10:20 ص
أشكرك أخي على الموضوع ولكن أو ألفت أنتباهك أن قرآءة الإمام بقراءة غير مشهورة بين الناس هذا من الذي لا ينبغي فعله وقد نبه عليه بعض العلماء الإجلاء .
والسلام عليك ورحمة الله وبركاته -
فواز الحربي @عطر الليل@ يعلق:
8 نوفمبر, 2010 في الساعة 9:36 م
مقال راااااااائع ولم استغرب روعته بعد مااكتشفت شخصية كاتبه بالنهااايه
احياناً اشتري جريدة الرياض لاستمتع باابداع وثقاافة فهد الأحمدي!!
شكراا نجم الشماااال !! -
جمانة يعلق:
8 نوفمبر, 2010 في الساعة 10:21 م
صحيح اننا عرب وقبائل ولكن يافاهم هناك اللغة العربية الفصحى الفصحى الفصحى …….فرق بين لهجة تتكلم بها.. وللغة عربية فصحى يقراء بها القران الى يوم القيامة.. فهذا كلام الله وليس لهجة قبائل …
-
محمد العلقامي يعلق:
8 نوفمبر, 2010 في الساعة 11:44 م
السلام عليكم ..تحياتي للجميع
يجب أن يكون إلتزامنا مع كتاب الله بلغته العربية الفصحى والتي لا تدع مجالا للهجات أو عصبيات أو خلافه حيث ما تمت الإشارة إليه بالمقال غيرت المعنى بالآية
تماما وهو ما ينافي عصمة كلام الله وتأثيره في المسلمين وغير المسلمين كيف نقول سعل ساعل أي أصابه السعال بدلا من سأل سائل انظروا الفرق في المعنى
فكيف لو قرأناه بلهجة مصر القاهرية أو بلهجة شمال إفريقيا تونس الغرب الجزائر …وغيرها من البلدان
نريد الوحدة وليس من سبيل إلا كتاب الله يوحدنا جميعا
شكرا وجزاكم الله خيرا
-
فريد اسد الحوطي يعلق:
9 نوفمبر, 2010 في الساعة 12:58 ص
انا لااؤيد هذا الكلام ابداً فالقرآن ليست فيه هذة اللهجات ابدا بل هو مكتوب بلسان عربي مبين ولا تريدنا نصير هنود ونقولك كيف هال انته سديق وايس فيه موسكله ولا انته مافي كلام ونخليها بزوطة وفلسفه واخرطي وانظمي ومابقى الا هيه نضيع الدين ونتفلسف ونخليها مرق واوديك البحر مبلول وارجعك ناشف وبس يارفيقي وجعتلي راسي يامشمش وياليل مطولك ارجوا ان تتقي الله عز وجل ولا تهذر بما ليس لك فيه علم ولاتضيعوا الاسلام فيكفي مافيه المسلمين من تفكك وضياع ولو قتلتني ماحقول الزراط فالزراط هذا لك ولأشكالك حسبنا الله فيكم ونعم الوكيل .
-
سوسو يعلق:
9 نوفمبر, 2010 في الساعة 1:46 ص
لا أتفق مع هذا الكلام
صحيح الدين يسر وفي قراءات عشر
لكن ماهو لدرجة تسير الصراط إلى زراط >>>>>>>>>>>>>>>>> في حدود لازم أنت وغيرك تلزموها هذا قرآن يعني كلام الله مافيه تمييعأتمنى أن تراجع نفسك وتتوب إلى الله من سوء ما قلت
وأسأل الله عزوجل أن يهديك وكل المسلمين -
ريشه يعلق:
9 نوفمبر, 2010 في الساعة 6:39 م
علي فكره القران له لغه واحده وهي الغه العربيه الفصحى ويجب كل العالم يقراء به حتي لو كان امريكي
ولكن شكرا علشان انا اول مره اقراه
وكل سنه وانتم طيبين -
سوسو يعلق:
9 نوفمبر, 2010 في الساعة 6:47 م
تصحيح لي ما أخطأت به
توجد في احدى الرويات العشر قراءه للفاتحه بقلب الصاد إلى زا
والله أعلم
الله يغفر لي وكل المسلمين -
أم زياد يعلق:
9 نوفمبر, 2010 في الساعة 8:00 م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته………تعقيبا على المقال للمعلومية والإفادة
صحيح أن القرآن الكريم نزل على سبعة أحرف ,لكن هذه اللهجات لم تحفظ وإنما حفظ القرآن الذي في المصحف بين أيدينا الآن بالقراءات والروايات العشر التي لا يجوز القراءة بغيرها ,
فلا يجوز لأحد أن يقرأ بلهجته الشعبية متحججا بنزول القرآن الكريم على سبعة أحرف , والواجب علينا تعلم القرآن وتلاوته بالقراءة الصحيحة , وللتأكد من السابق يمكن الرجوع لأهل العلم وليس لعامة الناس .
والله ولي التوفيق -
نجم يعلق:
11 نوفمبر, 2010 في الساعة 12:59 م
إنا لله وإنا إليه راجعون
هذي والله المصيبة إن واحد ماعنده سالفة يقوم يتكلم في أهم وأغلى ما نملك وهو كتاب الله ويفتح المجال لتحريف كتاب الله ويكتب في الجريدة ويقراها الألوف
وأنا هنا أقول كلامه غلط في غلط القرآن كلام الله بلسان عربي مبين يُقرأ كما أُنزل وإذا كان أحد يعرف السبعة أحرف التي نزل بها القرآن فليقرأ بها لأنها من اللسان العربي
أما غيرها فهو تحريف للقرآن وافتراء على الله بما لم يقل ومن لا يعلم يعذر حتى يتعلم
ونقول لفهد الأحمدي اتق الله اتق الله فكتاب الله ليس لعبةفقد جئت ببهتان عظيم -
صانعة المجد يعلق:
12 نوفمبر, 2010 في الساعة 12:50 ص
اخي الفاضل
هذه القراءة قراءة شاذه وهي ( إنا انطيناك)
وسعل ساعل
أما اهدنا الزراط فهذه رواية متواترة صحيحه وهي بروايه خلف عن حمزة
فلا بد ان نتنبه قبل نقل اي مقال فصحيح القران نزل على سبعة أحرف لكن الشرط بالقراءات هو التواتر ..
جزاكم الله خير
-
بلال جمال الدين يعلق:
18 نوفمبر, 2010 في الساعة 11:43 م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مع إحترامي لجريدة الرياض لكن كاتب هذا المقال يثير كثيرا” من الشبهات وهو تحريف لكتاب الله عز وجل والذي لا نقبل به أبدا”
ورأيت أن انقل لكم هذا الرد للدكتور محمد محمود حوا:
استنطاء هذيل .. وعنعنة تميم: تحريف لكتاب اللهاطلعت على مقال في جريدة الرياض عدد الثلاثاء 9 ربيع الأخر 1429هـ -15 أبريل 2008م – العدد 14540في زاوية (حول العالم) تحت عنوان (استنطاء هُذيل .. وعنعنة تميم)
يقول فيه الكاتب: ( قبل فترة دخلت مسجد قباء متأخرا فصليت مع جماعة من الزوار من خارج المملكة.. وبعد الفاتحة قرأ الإمام سورة الكوثر بلفظ { إنا أنطيناك الكوثر} فرد عليه رجل من “ربعنا” { إنا أعطيناك الكوثر} فعاد الإمام وقرأها { إنا أنطيناك الكوثر} فرد عليه الرجل مرتين وثلاثاً بدون أن يتزحزح الإمام عن موقفه..
وبعد انتهاء الصلاة ألقى “المأموم” محاضرة على “الزائرين” ناصحا إياهم بتعديل لسانهم المعووج ومذكرا فيها بأن القرآن نزل بلسان عربي مبين (.. ولم يعلم سيادته أنه نزل أيضا على سبعة أحرف)!! )
وذكر الكاتب قصة سمعها من أحد أصدقائه فقال: (وكنت قد سمعت قصة مشابهة من أحد الأصدقاء حيث قرأ الإمام الفاتحة { اهدنا الزراط المستقيم} فرد عليه الناس { الصراط المستقيم} فعاد وقال { الزراط المستقيم} فردوا عليه مرتين وثلاثاً { الصراط المستقيم} ولكنه أصر على موقفه الأمر الذي جعل أحد المصلين يقول بصوت مرتفع: الصراط المستقيم أو اترك الإمامة لغيرك…).
قم قاس عليها قياساً عجيباً فقال: (ومواقف كهذه ظهرت منذ عهد النبوة حيث خفي حتى على بعض الصحابة الوجوه المتعددة لقراءة القرآن الكريم (مثل عمر بن الخطاب الذي سمع هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان على حروف لم يسمعها من قبل) وجميعها انتهت بإجازتها من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم..)
وأيد كلامه بنقل نقله عن الإمام الزركشي (يقول الزركشي: نزل القرآن بعضه بلغة قريش، وبعضه بلغه هذيل، وبعضه بلغة تميم، وبعضه بلغة أزد وربيعه، وبعضه بلغة هوازن وسعد) ثم أضاف بعد كلام الزركشي فقال: (وهكذا … وهذه اللهجات (رغم أنها عربية) إلا أن مخارجها وألفاظها توافق مخارج وألفاظ الحروف في اللغات الأجنبية كالفارسية والحبشية والهندية والتركية (ومن هنا ظهر علم القراءات وأصبح لكل بلد قراءته التي يشتهر بها)!!
ثم أقر الكاتب بقوله: (… ورغم أنني لست ضليعا في علم القراءات – ولا لهجات العرب ومخارج الحروف – ولكنني أرى في هذا العلم مغزيين عظيمين يجب على الجميع استيعابهما:
… الأول: احترام ثقافات ولهجات الآخرين… والثاني: أن لا تتخذ أي جهة من نفسها مرجعا للغة والدين!!)
وليس من عادتي أن أتابع مقالات كتاب الصحف، لكن لتعلق الأمر بكتاب الله تعالى وقد وردتني المقالة على بريدي الإلكتروني أحببت أن أبين بعض الإشكالات في هذا المقال لا سيما والكاتب ليس ضليعاً في علم القراءات ومخارج الحروف. ولا أدري لماذا تكلم في هذا العلم وليس ضليعاً فيه؟
ولي مع مقاله وقفات :
الوقفة الأولى: استنكاره على من نصح المصلين بتصحيح تلاوتهم للقرآن وغمزه فيه بقوله: (من ربعنا)، وهذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة الواجبة لكتاب الله تعالى وينبغي أن يكون طبعاً بالأسلوب المناسب وبالحكمة.لأنه لا يجوز للمسلم أن يقرأ القرآن إلا كما أنزله الله تعالى. يقول ابن الجزري في النشر [2/210-211]: (فمن قدر على تصحيح كلام الله تعالى: باللفظ الصحيح العربي الفصيح، وعدل إلى اللفظ الفاسد العجمي أو النبطي القبيح استغناء بنفسه واستبداداً برأيه وحدسه، واتكالاً على ما ألف من حفظه واستكباراً عن الرجوع إلى عالم يوقفه على صحيح لفظه، فإنه مقصر بلا شك وآثم بلا ريب وغاش بلا مريه، فقد قال رسول الله r: ((الدين النصيحة، لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) [متفق عليه] أما من كان لا يطاوعه لسانه، أو لا يجد من يهديه إلى الصواب بيانه فإن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها).
الوقفة الثانية: قوله (.. ولم يعلم سيادته – أي الناصح – أنه نزل أيضا على سبعة أحرف) سواء علم أو لم يعلم فهو أدى ما عليه وفق ما يعلمه، فهل علمت أنت يا أستاذ إن كان لفظ (أنطيناك) نزل ضمن الأحرف السبعة التي (نزلت) على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أين وجدتها. لأن مدار الأحرف السبعة على ما أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ولذلك لما اختلف عمر بن الخطاب وهشام في القصة التي أشرت إليها كان حجة كل منهم أنه يقرأ كما أقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قول النبي لكليهما (هكذا أنزلت) ثم بين لهما أن القرآن أنزل على سبعة أحرف. فليس لأحد أن يغير من أحرف القرآن شيئاً بحجة أنه نزل على سبعة أحرف ما لم يكن ذلك متواتراً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الوقفة الثالثة: قياسه (أنطيناك) على (الصراط) بإشمام الصاد زاياً وهو قياس غير صحيح ولا أدري هل يعذر لأنه غير ضليع، حيث قاس كلمة لم يقرأ بها رسول الله ولم ينزل بها القرآن وهي (أنطيناك) على كلمة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قراءة حمزة المتواترة وهي (الصراط).
الوقفة الرابعة: قوله بعد أن نقل كلام الزركشي (وهكذا … وهذه اللهجات (رغم أنها عربية) إلا أن مخارجها وألفاظها توافق مخارج وألفاظ الحروف في اللغات الأجنبية كالفارسية والحبشية والهندية والتركية ومن هنا ظهر علم القراءات وأصبح لكل بلد قراءته التي يشتهر بها)!! والذي أفهمه من هذا الكلام – وأرجو أن أكون مخطئاً- أن الكاتب يفسر سبب اختلاف القراءات بسبب اختلاف لغات البلاد التي دخل إليها الإسلام حيث تتوافق مخارج حروف تلك اللغات مع مخارج حروف اللغة العربية في بعض لهجاتها فإذا كان هذا ما يقصده فهو خطأ جسيم ، فمرجع اختلاف القراءات العشر اليوم إنما هو إلى ما نقله الناقلون من أئمة القراءة بأسانيدهم المتصلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالكيفيات التي أنزلت عليه صلى الله عليه وسلم بواسطة أمين الوحي جبريل عليه السلام وكتبت في المصاحف التي أمر بنسخها الخليفة عثمان رضي الله عنه وبعث بها إلى الأمصار وبعث مع كل مصحف معلماً من الصحابة يقرئ الناس بما في ذلك المصحف من أوجه القراءة المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الوقفة الخامسة: قوله تعليقاً على القصة التي ذكر (… وما يحدث في مثل هذه المواقف أن الإمام يقرأ غالبا على “حرف” يناسب لهجته المحلية في حين لا يعرف المأمومون جواز قراءة القرآن على هذا الحرف أو ذاك.. ) ينبغي أن يُعلم أن هناك لهجات عربية متعددة منها ما نزل به القرآن ، وهناك عشرات اللهجات العربية لم ينزل بها القرآن وبالتالي لم يقرئ بها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وإن كانوا من أهل تلك اللهجات، فاختلاف الأحرف السبعة ليس تابعاً لاجتهاد كل إنسان ولهجته كما يفهم الأخ كاتب المقالة بدليل أن هناك أحرفاً عند العرب لم ينزل بها القرآن كإبدال العين همزة وإبدال الكاف شينا والجيم ياء وبالتالي لا يجوز بحال أن يقرأ القرآن بهذه اللهجات؛ لأن القرآن لم ينزل بها، وما نزل به القرآن من اللهجات محصور في القراءات المعروفة عند علماء القراءة.
الوقفة السادسة: قوله: (… ورغم أنني لست ضليعا في علم القراءات – ولا لهجات العرب ومخارج الحروف – ولكنني أرى في هذا العلم مغزيين عظيمين يجب على الجميع استيعابهما:
… الأول: احترام ثقافات ولهجات الآخرين… والثاني: أن لا تتخذ أي جهة من نفسها مرجعا للغة والدين!!)
فعلى الأخ الكاتب أن يعلم أن المغزيين اللذان يجب على الجميع استيعابهما مردودان بنص القرآن الكريم:
فالأول: مردود بأن احترام اللهجات لا يكون في قراءة القرآن بغير ما أنزله الله تعالى وإن كان من اللهجات العربية المشهورة عند العوام في بعض القبائل والدول، ولا يحق لأحد أن يغير حرفاً من كتاب الله تعالى ولو خالف لهجته لقوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (يونس : 15) فإذا كان رسول الله ليس له أن يبدل في القرآن فكيف بغيره. هذا في القرآن.
وأما فيما سواه فلا احترام لأي ثقافة تناقض ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله، مع العلم بأن عدم الاحترام شيء وترك الإساءة شيء آخر، فترك الإساءة مطلوب لكن الاحترام غير لازم تجاه كل الثقافات.
والثاني مردود بأن أهل العلم هم المرجع في الدين وقد نص الله على ذلك بقوله: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً} (النساء : 83) وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ. بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (النحل 43-44).
والذين يستنبطونه هم أهل العلم بالشريعة وأصولها، وأهل الذكر في قراءة القرآن هم علماء القراءة والتجويد. ولذلك ينبغي للواحد منا قبل أن يطالب باحترام ثقافات الآخرين أن يحترم تخصصات الآخرين وأن لا يتكلم في كتاب الله بغير علم حتى لا يكون كمن قال الله تعالى فيهم من الأمم السابقة {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (آل عمران : 78 )
ولنزول القرآن على سبعة أحرف حكم غير هذه الذي توهمها الكاتب في مقاله، ومن هذه الحكم على سبيل الإجمال:
1- التخفيف على الأمة وإرادة التيسير بها، وهذا واضح في قول النبي في بعض روايات حديث الأحرف السبعة r (هوِّن على أمتي) (وإن أمتي لا تطيق ذلك).
2- إعجاز القرآن في معانيه وأحكامه، فتنوع القراءات تبعه تنوع في المعاني، وزيادة في الأحكام.
3- الأحرف السبعة حفظت لغة العرب من الضياع، لتضمنها أفصح لهجاتها.
4- في الأحرف السبعة دلالة قاطعة على مصدر القرآن وصدقه، فمع كثرة أوجه الاختلاف وتنوعها ليس فيه تضاد ولا تناقض، بل كله يصدق بعضه بعضاً.
5- بيان فضل الأمة المحمدية بتلقيها كتاب ربها والاعتناء به مما يزيد في أجور العاملين بكتاب الله تلاوة وحفظاً ودراسة واستنباطاً للأحكام والمعاني.
6- الأحرف السبعة خصيصة خاصة بالأمة المحمدية، لأن الكتب السابقة كانت تنْزل على وجه واحد، وأُوكِل حفظها للأمم السابقة، بينما نزل القرآن على سبعة أحرف، وتكفل لله بحفظه وصيانته وقيض له في كل عصر ومصر من يحفظه ويتلوه ويعلّمه بأوجهه المختلفة.
وإذا كان مراد الأخ الكاتب في المغزى الثاني أن لا تحصر المرجعية في رأي واحد في قضايا الفقه التي مرجعها إلى الاجتهاد فهذا صحيح، ولكن يبدو أن الأخ الكاتب لم يعبر عنه بالشكل الصحيح.
أسأل الله تعالى أن وفقنا جميعا لما يحبه ويرضاه.
والله تعالى أعلم
أخوكم
د. محمد محمود حوا
-
محمد العلقامي يعلق:
19 نوفمبر, 2010 في الساعة 4:04 م
جزاك الله خير الجزاء د.محمد محمود حوا على هذا التوضيح الشامل والذي لا يدع مجالا
للشك أو التأويل أو المزايدة وجزى الله خيرا كل من يعمل على نشر كتاب الله
بالشكل الصحيح والصورة اللائقة به
وعيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير
-
ام نضار يعلق:
18 مارس, 2011 في الساعة 5:06 م
ولكن المصاحف احرقت كلها ماعاد مصحف عثمان رضي الله عنه
تعتقد لماذا؟
لتوحيدالنطق برسم واحد
اذ لا معنى للرسم بدون نطق
وليس عسيرا على العامي فضلا عن المتهلم النطق بما يوافق الرسم المعتبر
ولكن بعض المسلمين تهاونوا بهذا هداهم الله.