

المطار ليس هدية
جميل محمد علي فارسي
عجيب أمرنا. قدم لنا الملك عبدالله -حماه الله- ألفاظًا لم تتعود الأذن على سماعها، ألفاظًا من المستقبل وللمستقبل
إلاّ أننا نأبى كل ذلك، ونعود لقاموسنا القديم الخرب. أثار لديّ هذه الفكرة قول المهندس عبدالله الرحيمي إن هذا
المطار هدية من خادم الحرمين الشريفين. كيف تقول إنه هدية، ثم في اليوم التالي تتحدث عن سندات لتمويل المشروع؟
وإن كنت تقصد يا مهندس عبدالله أنك قدمته لنا كهدية حضرت في وقتها، فهنا كذلك نقول لا، بل تأخّر كثيرًا..
كثيرًا. إذًا هو ليس بهدية.. لا من حيث الثمن، ولا من حيث الزمن.
نعم أؤكد أنه ليس هدية. وإطلاق هذا الوصف يجعلني أقول إن خطابنا الداخلي لا يرتفع أبدًا لمكانة وطننا، ولا لخطاب مليكنا.
فنحن لسنا وطنًا طارئًا على التاريخ، نحو دولة. نعم نحن دولة من الدول المؤسسة للأمم المتحدة، دولة مؤسسة لجامعة
الدول العربية، دولة قبل الحربين الكونيتين، دولة عندما كان نصف العالم العربي تحت الاستعمار. إلاّ أننا مازلنا نصر
أن نعامل بالهدية، والمنحة، والهبة، والمكرمة، وميزانية الخير. أحيانًا يخيّل لي أننا في عداء مع أنفسنا، كأننا نصر ونأبى أن نكون دولة.
دولة عصرية حقيقية تتكون من أرض وشعب وحكومة (حكومة هي سلطة تنفيذية تتجاور مع سلطه قضائية
وسلطة تشريعية رقابية)، ثم علاقات بينية واضحة المعالم تتضح منها الحقوق والواجبات، وما هو لله وما هو لعباد الله
وما هو لبعض عباد الله.
الكل يعلم أن لكل دولة ميزانية نقدية هي عبارة عن متحصلات الحكومة، سواء من إيراد الأرض، أو أنواع الدخل
المختلفة تقابلها أوجه إنفاق مختلفة، هذه هي الميزانية لا أكثر. فكيف نحوّل بنودها إلى هبة وهدايا ومكارم ؟
أنستكثر على أنفسنا أن نكون شعبًا ينفق عليه ممّا تنتج أرضه؟ والأعجب أننا مازلنا مع هذا ندندن حول العالم الأول
كأنما العالم الأول هو طرق ومبانٍ وليس قيمًا ومبادئ.
هل نستخسر على أنفسنا أن نرفع الرأس قليلاً؟ ألا نعلم أي أثر سيئ الذي نجنيه بذلك على أجيالنا القادمة التي أصبحت
تطل بنافذة الإنترنت على كل العالم؟ بل ما إجابتنا إن سألنا أحد أبنائنا ببلاهة وهو يقرأ سورة الإسراء ما معنى
قوله تعالى (ولقد كرّمنا بني آدم ؟).
ترى أي احترام سيقدمه لنا أبناؤنا وهذه حالنا؟ هل نقول لهم إن آباءهم استعذبوا أن يعيشوا على المكرمة والهبة والإحسان ؟
وعلاجهم ليس على حساب الوطن، بل هو علاج على حساب محسن كبير؟ وزواجهم بتبرع من رجل سخي ؟
أعلاج باسترحام، ومقعد جامعة باستعطاف، ووظيفة باستجداء؟ أهكذا تكون الحياة بكرامتها ؟
بعض الأحداث والمناسبات لا تثير منا العقل، بل تحرك منا اللسان فقط. في كل العالم يفرح الناس، ويتزوج الناس
وتمر عليهم المناسبات والذكريات، لكن إن حضرت مناسبة لأحدنا تفتحت شهية القول، وتفجرت الأعمدة
بسيل مقالات مستمر، وانشقت السماء بقصيد منهمر. والعجيب حقًّا أن معظم القول لم يكن مطلوبًا أصلاً، ولا ملامة
على مَن لم يتبرع بالقول، لكنه عنصر المبادرة، فليت مبادراتنا في مكانها. كم من مقالات وقصائد تزيد لقائلها من
الدخل ولكنها تنقص له من الكرامة.
أقول ما قلت ولكني أقول:- غفر الله لي، هل يُلام المحروم حين يستجدى، أم يُلام ظرفاً جعله محروماً يستجدي..؟!
عمومًا بالنسبة لي بعد أن أموت أوصيكم أن لا أُغْسل وفق تعليمات سديدة، ولا أُكفّن بتوجيهات مباشرة..
ولا أُحمل بنعش هدية، وخصوصًا القطنة لا تكون هبة، ولا أُدفن في أرض كانت منحة.
وبالذات إن كانت كيلو في كيلو.
نشر بصحيفة المدينة
يوم الإربعاء الموافق : 14 – 2 – 1432هـ 19 – 1 – 2011م
اخترنا لك:
- خبز تميس بطريقة جديدة
- مختل عقليا يسرق سيارة إطفاء ويطارد الشرطة في المطار + المملكة ستقود العالم + لحظة هبوط طائرة في مياه نهر هدسون في نيويورك + حريق شاحنة على طريق القصيم
- فيديو + صور : أمطار وسيول وبرد وغرق سيارات وانهيار أنفاق وسقوط أعمدة كهرباء في الرياض .. تحديث مستمر
- فيديو : ازالة 15 كيلو من وجه رجل + الأعمال بالخواتيم + مراحل تطور الجنين في سورة المؤمنين + هل نوم العصر مكروه ..؟
- أكبر فندق بالعالم + ددسن معمم + قاطع اخته 20 سنة فكتبت قصيدة مبكية + من يحمي الضب ..!!
- أبراج الضغط العالي تفتك بـ 150 لقلق أوروبي دفعة واحدة + أطول ددسن بالعالم + أكبر طعس في أوروبا
- سيارة بعجلات عجيبة + لكزس 2009 Lexus IS 250C
- رحلتى الى الله الواحد الديان ( توبة فتاة نصرانية )
- اضاءات + العفو والتسامح
- الفيلم الوثائقي الذي أخفته وكالة ناسا الأمريكية عن إعجاز الكعبة المشرفة + المرأة الأعجوبة + أطفال يغرقون في الإسفلت + تعلم فن ظل اليد
مواضيع أخرى أرسلت بواسطة أبوفيصل:
- مجموعة صور جميلة
- سيارة جديدة قابلة للطي + عالم الأسماك سبحان الخالق
- جمهور مجنون كرة قدم .. قلب المباراة إلى مهرجان من الألعاب النارية
- شاطئ باريس الاصطناعي
- فيديو : الرئيس اليمني علي عبدالله صالح يظهر للمرة الأولى منذ محاولة اغتياله بحروق في الوجه وضمادات في اليدين ..
- أغرب مطعم : زبائن المطعم يدخلون حافين ويستمتعون بصوت الشلالات .. غاية في الروعة
- شنط أشكال غريبة وعجيبة
- قطوة مشتيه + كم عدد القطط + أموت في الكيوت + لاتصور ياولد + ببغاء ياخذ حمام + ياحلو اللي يستحون
- صرف رواتب للذين لديهم أحد هذه الحالات
- الجمارك الروسيه تعدم السيارات المهربة بطريقة جنونية + ملاعق لاتغسل ولا ترمى بل تؤكل
تعليقات:
5 عدد التعليقات على “المطار ليس هدية .. مقال في الصميم”
-
حنان سعيد علي يعلق:
25 يناير, 2011 في الساعة 8:34 ص
المقال قمة الروعة وفي الصميم.. يعطيك الف عافية
تحياتي لك
ام أحلام -
شمران يعلق:
17 فبراير, 2011 في الساعة 10:13 ص
اولا الف شكر وتقدير للكاتب واشكره لانه كفاووفا الله يعطيه العافيه
الشي الثاني / بلد تعود على الهبات مماجعل البشر تتقبل بكل شي تحت هذا السياق حتى المطر اصبح هبه من خادم الحرمين لانه هو الذي امر بصلاة الاستسقاء
ياخي سئمنا تلك اللافاض التي تدس في منطفاتها المنه والاحساس بانك يامواطن عاله عايش على ايدي هؤلاء القوم .
شئ اخر بذخ وتلاعب وسرقات وتخبط وفي النهايه فشل مشاريع لا يسبقه فشل . ثم ياتي من ينظر ويصور ان الامور تمشي على خير مايرام وان كل شئ في البلد اكتمل انه شي يؤسف له ان تتقدم دول الجوار ونحن الى اليوم في نفس المستنقع -
لله درك ولكن يعلق:
22 فبراير, 2011 في الساعة 5:34 م
لله درك يا فارسي ولكن هل الامين السابق {قريبك) في جده الذي يملك الابراج الشاهقه على الكورنيش يرضى بما تقول وهل حكومتنا تسمع ما تقول وتعى ما تعني
-
fahad يعلق:
6 مارس, 2011 في الساعة 3:25 م
كلام جميل يا فارسي ولا عزاء للبطانه الفاسده التي هي سبب كل فساد سواء بعلم ولاة الامر او بلاعلمهم
فمتى اصبح ادنى حق للشعب والمواطنين مكرمه وهبه .. الخ.